رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 26 سبتمبر 2025 10:53 م توقيت القاهرة

ومن يتوكل علي الله فهو حسبه

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري 
الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلاله وركب بلطف حكمته مفاصله وأوصاله ورباه في مهاد لطفه ثلاثين شهرا حمله وفصاله وزينه بالعقل والحلم وأزال عنه ظلماء الجهاله، فسبحان من إختارهم لنفسه ونعمهم بأنسه وأجزل لهم نواله، ويسّر له مولاه سبيل السعادة وحقق آماله وأجزل نصيبه من التوفيق وقبل أعماله، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير أما بعد يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز " ومن يتوكل علي الله فهو حسبه " ويقول سبحانه " وعلي الله فليتوكل المؤمنون " فاليقين بالله والتوكل على الله والثقة بالله معاني عظيمة، وصفات جليلة، إذا وصل إليها العبد فإنه يصبح ملك الدنيا الغني بالخالق عن الخلق، الذي يفيض الإيمان من نفسه فينير له دربه ويذلل له طريقه ويجعله مطمئنا في سيره إلى الآخرة. 

مسددا في هجرته إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولأن تحقيق اليقين بالله والتوكل عليه مفقود لم يشعر الناس بأنهم ملوك، ولم يشعر المسلم بأنه مستغنٍ عن الناس فقير إلى الله تعالي، والتوكل هو الإعتماد على الله مع إظهار العجز، والاسم منه التكلان، ويقال إتكلت عليه في أمري، قال الإمام أحمد " وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة به" وقال ابن رجب الحنبلي "التوكل هو صدق إعتماد القلب على الله عز وجل في إستجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها" ولا يعني التوكل عدم الأخذ بالأسباب الدنيوية، ولكن يعني عدم تعلق القلب بهذه الأسباب، بل تعلقه في تحقيق أي أمر بالله سبحانه، فلا تنافي بين التوكل الذي هو عمل القلب وبين الأخذ بالأسباب الذي هو عمل الجوارح، وكما أن ترك التوكل والتفريط فيه أمر مذموم. 

وعيب قادح في الإيمان، فإن المبالغة في التوكل والإفراط فيه الذي يفضي إلى ترك السعي وترك الأخذ بالأسباب أمر مذموم أيضا، وهو إما أن يكون جهلا، وإما أن يكون كذبا وإدعاء، قال رجل للإمام أحمد رحمه الله أريد أن أحج إلى مكة على التوكل بغير زاد، فقال الإمام أحمد مستنكرا وليقيم عليه الحجة "اخرج في غير قافلة" فقال الرجل لا، إلا معهم، قال الإمام أحمد "فعلى جراب الناس توكلت" أي إنك كاذب في هذا لأنك ستعتمد على الناس في أكلك وشربك، ولست متوكلا على الله كما تدعي، والإنسان إخوة الإيمان لا بد له أن يتوكل لأنه خلق ضعيفا، كما قال الله سبحانه وتعالي " وخلق الإنسان ضعيفا " فما دام التوكل ضرورة وما دام المرء ولا بد متوكلا ولا مفر له من التوكل، فقد دله الله سبحانه على صفات من يصح أن يتوكل عليه ومن لا يخذله إذا توكل عليه.

فقال عز من قائل "  وتوكل علي الحي الذ لا يموت وسبح بحمده وكفي به بذنوب عباده خبيرا " وتوكل على الحي الذي لا يموت، وهذه هي الصفة الأساسية لمن لا يصح التوكل إلا عليه، ولا يصح الفرار إلا إليه، فإذا أردت أخي الكريم أن تتوكل فطبق هذه القاعدة ثم توكل، وإذا قررت أن تتوكل على عقلك فتذكر قول الله تعالي " وتوكل علي الحي الذي لا يموت " وإذا قررت أن تتوكل على مالك فتذكر" وتوكل علي الحي الذي لا يموت " وإذا قررت أن تتوكل على البشر مهما بلغ جاههم ومالهم وسلطانهم فتذكر" وتوكل علي الحي الذي لا يموت " وعند ذلك ستترك كل هذه الأمور وكل هذه الوسائط، وتعلم أن التوكل لا يصح إلا على الله، ولا تصح الثقة إلا بالله، ولا يصح اليقين إلا بالله سبحانه وتعالى، والتوكل على الله إخوة الإيمان ثمرة من ثمرات اليقين بالله. 

فإن الإنسان لا يتوكل إلا على من أيقن بوجوده وبقدرته وعظمته، لهذا كان اليقين من أعظم نعم الله على العبد، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي " سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدا لم يعطي بعد اليقين خيرا من العافية"

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
14 + 4 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.