بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، له ما في السماوات وما في الأرض ومابينهما وما تحت الثرى أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره، نعمه لاتحصى وآلاؤه ليس لها منتهى وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، هو أخشى الناس لربه وأتقى، دلّ على سبيل الهدى وحذر من طريق الردى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه معالم الهدى ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، ثم أما بعد إن التكفير له جانبان من حيث نزول الحكم عليه، فالجانب الأول فهو ما يتعلق بتكفير كافر ثبت كفره، أو ثبت أن عنده كفرا، فيحكم على الكفر أنه كفر، ويحكم على الكافر أنه كافر، فلا يجوز عدم تكفير الكافر، ومن لم يكفر معلوم الكفر فهو كافر حينئذ.
أي من لم يحكم على من تيقن أنه كافر بالكفر، ولكن حكم عليه بالإيمان فهو كافر لأنه تكذيب للشارع، وهذا أمر قد قرره الفقهاء، وبهذا قضى أصحاب المذاهب المتبوعة في باب الردة والأمر بذلك مشهور، وأماعن الجانب الثاني فهو ما يتعلق بتكفير من ثبت له أصل الإيمان بيقين، فهذا فيه نظران، فالنظر الأول وهو أن التسرع فيه دون تروي وتثبت من إكتمال موجبات وقيود التكفير حرام لا يجوز، وأما عن النظر الثاني فهو أن يكون التكفير بموجباته أو بعد تثبت فهذا صحيح بضوابطه وقيوده التي لا بد من التثبت فيها والتروي، ولقد درج السلف الصالح على الإهتمام بالمسائل الكبار وتأصيل فقه الأولويات في الأمة والعناية بالأمور الطارئة على أصول الدين أو جمع كلمة الأمة وحماية بيضتها وفي الزمان الذي يهتز فيه المنهج عند العامة أو تغزى أصول الديانة يتحتم التأكيد.
وتكرار الحديث حول ذلك الأمر لرد تلك الغارة وكف تيك العادية وثبيت الناس في الفتن والملمات ولما خرجت الحرورية صاح العلماء في الأمة بتحذيرها من ضلالهم كذلك لما ظهرت المرجئة وبمثلها خروج الزنادقة الحلولية والإتحادية وإبتداع القائلين بخلق القرآن أو إنتشار شبهات القبورية وعبّاد الموتى وهكذا، فكلما نبتت نابتة سوء تسابق الأئمة لنيل رضوان الله تعالي بقطعها قربانا له وصيانة لأمتهم من غلوائها فكذلك في هذا الزمان تتابع العلماء الناصحون للأمة من تحذير الناس من شؤم الخروج على السلاطين المسلمين دون الكفرة الزنادقة فالفتن إذا أقبلت تزينت وتبهرجت وخدعت بتبرجها المستعجلين " ولكنكم تستعجلون" رواه البخاري، أما العلماء فيرون مآلاتها بنفاذهم في لبّها وفرز جوهرها الشين عن بهرجها الزّين، فهم لازمون لمنهجهم.
لأنهم يدورون مع نصوص الشريعة حيث دارت حيث يقول تعالي "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" ويثقون بنصوص الوحي ثقة مطلقة ويؤمنون بأن الخير بحذافيره في إعمالها لا في إهماله " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا" ولا يثنيهم عن ذلك سخرية وإستهزاء من قصر فهمه ودنا نظره فإستعجل ثمرة الإنكار بالخروج بالسيف وهذا على شمل الأمة من أعظم الحيف فأهل السنة لاينزعون يدا من بيعة الإمام المسلم وهذا ظاهر في مصنفات الأئمة المتقدمين والمتأخرين وهم ينصحونه وينصحون له وينكرون عليه منكراته سرّا وهي القاعدة دفعا لمفاسد من لا يقدر الأمور من الرعاع وعلانية على قدر الحاجة وهي الإستثناء.
إضافة تعليق جديد