رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 27 يوليو 2025 4:26 م توقيت القاهرة

يا من أتعبه المرض

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد، فاتقوا الله عباد الله، ثم اعلموا أن الله جل وعلا أمرنا بأمر عظيم تزكو به حياتنا، وتسعد به أنفسنا، وتطمئن به قلوبنا، ألا وهو الإكثار من الصلاة والسلام على النبي المختار صلي الله عليه وسلم، فاللهم صل وسلم على نبينا ورسولنا محمد، وارضى اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن بقية العشرة وأصحاب الشجرة وعن سائر الصحابة أجمعين أما بعد لقد قدر الله عز وجل علي الإنسان الإبتلاء في هذه الحياة الدنيا، وإن من أعظم الإبتلاءات أن يبتلي الإنسان في بدنه وجسده وصحته، فيصيبه المرض، ولكن هذا المرض ينبغي علي العبد أن يعلم بأن له فوائد، ومن فوائد المرض وتمام نعمة الله على عبده، أن ينزل به من الضر والشدائد ما يلجئه إلى المخاوف حتى يلجئه إلى التوحيد.

ويتعلق قلبه بربه فيدعوه مخلصا له الدين، فسبحان مستخرج الدعاء بالبلاء، ومستخرج الشكر بالعطاء، ويقول وهب بن منبه ينزل البلاء ليستخرج به الدعاء، حيث يقول الله تعالي كما جاء في سورة فصلت " وإذا أنعمنا علي الإنسان أعرض ونأي بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض " فيحدث العبد من التضرع والتوكل وإخلاص الدعاء ما يزيد إيمانه ويقينه، ويحصل له من الإنابة وحلاوة الإيمان وذوق طعمه ما هو أعظم من زوال المرض، وما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين الذين يصبرون على ما أصابهم فلا يذهبون إلى كاهن ولا ساحر ولا يدعون قبرا، أو صالحا، فإذا نزل بهم مرض أو فقر أنزلوه بالله وحده، فإذا سألوا سألوا الله وحده، وإذا إستعانوا، إستعانوا بالله وحده ، كما هو الحاصل مع نبي الله أيوب عليه السلام. 

حيث قال تعالي كما جاء في سورة الأنبياء " وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " وتأمل عظيم بلاء نبي الله أيوب عليه السلام، فقد فقد ماله كله وأهله ومرض جسده كله حتى ما بقي إلا لسانه وقلبه، ومع عظيم هذا البلاء إلا أنه كان يمسي ويصبح وهو يحمد الله، ويمسي ويصبح وهو راضي عن الله، لأنه يعلم أن الأمور كلها بيد الله، فلم يشتك ألمه وسقمه لأحد، ثم نادى ربه بكلمات صادقة " أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " فكشف الله تعالي ضره وأثنى عليه، فقال تعالي كما جاء في سورة ص " إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب " وقد ورد في بعض الآثار " يا ابن آدم، البلاء يجمع بيني وبينك، والعافية تجمع بينك وبين نفسك" وقال يزيد بن ميسرة رحمه الله "إن العبد ليمرض وماله عند الله من عمل خير فيذكره الله سبحانه بعض ما سلف من خطاياه. 

فيخرج من عينه مثل رأس الذباب من الدمع من خشية الله فيبعثه الله مطهرا أو يقبضه مطهرا" وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مصيبة تقبل بها على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله" وإن من فوائد المرض هو طهارة القلب من الأمراض فإن الصحة تدعو إلى الأشر والبطر والإعجاب بالنفس لما يتمتع به المرء من نشاط وقوة وهدوء بال، فإذا قيده المرض وتجاذبته الآلام إنكسرت نفسه ورق قلبه وتطهر من الأخلاق الذميمة والصفات القبيحة، وقال العلامة ابن القيم رحمه الله "لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء.

فيا من تطمع في رحمة الله تعالى وفضله، لا تنسي أن المرض كفارة بإذن الله للذنوب والخطايا، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى، ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " رواه البخاري، فإستبشر أخي المريض المسلم خيرا بلطف الله تعالى ورحمته، وإعلم شفاك الله أن مصيبتك أهون من مصيبة غيرك، وأن هناك من هو أشد منك بلاء، وأكثر ألما ووجعا.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
5 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.