بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كيف كان إعتقاد اليهود وأهل الكتاب في رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم قبل أن يبعث، وكيف كان موجود عندهم في التوارة والإنجيل، وأما عن إخبار من اطلع على كتبهم بأن رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم مذكور فيها ويشهد له ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة.
حيث قال وهو موصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما وقلوبا غلفا " رواه البخاري، وشاهد آخر حدث في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال أبو العالية لما فتح المسلمون تستر، وجدوا دانيال عليه السلام ميتا، ووجدوا عنده مصحفا، قال أبو العالية أنا قرأت ذلك المصحف وفيه صفتكم وأخباركم وسيرتكم ولحون كلامكم" وأن المكذبين والجاحدين لنبوته صلى الله عليه وسلم لم يمكنهم إنكار البشارة والإخبار بنبوة نبي عظيم الشأن كمحمد عليه الصلاة والسلام، جاء ذكره وجاءت صفته وصفة أمته.
ومكان وزمن خروجه في كتبهم، لكنهم جحدوا أن يكون هو المقصود، وأنه نبي آخر غيره حسدا من عند أنفسهم وكبرا وعلوا، يبين ذلك ما رواه رجل من الأوس اسمه سلمة بن سلامة، قائلا كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل، قال فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل، وأنا يومئذ حدث، يعني صغير علي بردة لي، مضطجع فيها بفناء أهلي، فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار، فقال ذلك في أهل يثرب والقوم أصحاب أوثان، بعثا كائنا بعد الموت، فقالوا له ويحك أترى هذا كائنا يا فلان، إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى جنة ونار ويجزون فيها بأعمالهم ؟ قال نعم والذي يحلف به، قالوا يا فلان ويحك ما آية ذلك ؟ قال نبي مبعوث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده إلى مكة، قالوا ومتى نراه ؟ قال فنظر إلي، وأنا أصغرهم سنا، فقال إن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه.
قال سلمة فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تبارك وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا، فآمنا به وكفر بغيا وحسدا فقلنا له ويحك يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت ؟ قال بلى ولكنه ليس به" رواه أحمد، وكان اليهود بالمدينة يتوعدون الأوس والخزرج عندما ينالون منهم ما يكرهون بخروج النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ويقولون لهم إنه تقارب زمان نبي يبعث الآن، نقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم أجابه الأوس والخزرج حين دعاهم إلى الله تعالى، فآمنوا به وكفر اليهود به، وفيهم نزل هؤلاء الآيات من البقرة " ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين " لذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يذكرون اليهود بما كانوا يذكرونه لهم قبل مبعثه.
فقال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب رضي الله عنهم يا معشر يهود اتقوا الله فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بصفته، فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا ما قلنا لكم هذا قط، وما أنزل الله من كتاب بعد موسى، ولا أرسل بشيرا، ولا نذيرا بعده.
إضافة تعليق جديد