بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على الهادي البشير، وعلى آله وصحبه أجمعين، الذي كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته ومن طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام، حيث قال عليه الصلاة والسلام " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " وكان من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطف إليهم ويتودد إليهم ، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يرقق اسم أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها كأن يقول لها " يا عائش" ويقول لها " يا حميراء" ويُكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها " يا ابنة الصديق".
وما ذلك إلا توددا وتقربا وتلطفا إليها واحتراما وتقديرا لأهلها، وكان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم وكانت عائشة تغتسل معه صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، فيقول لها " دعي لي" وتقول له صلي الله عليه وسلم " دع لي " رواه مسلم، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد فإن الشفاء هو بيد الله جل وعلا وحده لا شريك له، لذا قال الخليل إبراهيم عليه السلام كما أخبر عنه العزيز العلام "وإذا مرضت فهو يشفين" ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله أي إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه" وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان إذا عاد مريضا يقول " أذهب البأس رب الناس، اشفه أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما" رواه البخاري ومسلم، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله " ففي هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته، وكمال رحمته بالشفاء، وأنه وحده الشافي، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته " وهذا لا يعني أنك لا تبذل الأسباب المشروعة للعلاج كزيارة الأطباء وتناول الأدوية فذلك مطلوب، ولا منافاة أبدا بين اتخاذ الأسباب مع الاعتقاد أنها ليست مؤثرة بذاتها، وبين الصبر والتوكل على العزيز الوهاب، ولكن احذر أشد الحذر من اللجوء إلى وسائل غير مشروعة في العلاج أو استعمال أدوية محرمة، لأن ذلك من الآثام و ليس من دين الإسلام، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
" إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداوو بحرام" رواه أبو داود، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله "وها هنا سر لطيف في كون المحرمات لا يستشفى بها، فإن شرط الشفاء بالدواء تلقيه بالقبول واعتقاد منفعته وما جعل الله فيه من بركة الشفاء، فإن النافع هو المبارك، وأنفع الأشياء أبركها، والمبارك من الناس أينما كان هو الذي يُنتفع به حيث حل، ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مما يحول بينه وبين اعتقاد بركتها ومنفعتها وبين حسن ظنه بها، وتلقي طبعه لها بالقبول، بل كلما كان العبد أعظم إيمانا كان أكره لها وأسوأ اعتقادا فيها، وطبعه أكره شيء لها، فإذا تناولها في هذه الحال كانت داء له لا دواء"
إضافة تعليق جديد