رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 23 أغسطس 2025 11:15 م توقيت القاهرة

الضمير والإتقان وإحسان العمل.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله، الحمد لله الذي جعل حبه أشرف المكاسب، وأعظم المواهب، أحمده سبحانه وأشكره على نعمة المطاعم والمشارب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزّه عن النقائص والمعايب، خلق الإنسان من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى الهدى والنور وطهارة النفس من المثالب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي سبيل النجاة والفلاح، أما بعد اعلموا يرحمكم الله إن أمتنا مأزومة تعاني من قلة النابغين المخترعين الناشطين في التخصصات التي تغير الحياة وتفيد الناس وتمكث في الأرض، وأوطاننا تفتقر إلى إقران القول بالعمل الجاد في مجال الإدعاء، أوطاننا تشتاق إلى عرق الشباب بعد طموح ودراسة في مجال الطب والتحاليل والهندسة والإعمار.

وإستصلاح الصحراء والتصنيع لننتج ما نأكل وما نلبس وما نتزين به، إننا لفي بلاء مستطير إذ نستورد جل ما نلبس ونستهلك وكثيرا مما نأكل، وإن لدينا ثروة بشرية يهتز لها السهل والجبال والبحار لو خطط لها من أهل الذكر في كل فن وعمل وعندها ستشرق الأرض بنور ربها، وهذا يفئ علينا خيرا طائلا وتشغيلا فوريا لهذه الطاقات المبعثرة، فإن الجد في العمل دين وعهدة رحمانية وأمانة محمدية للمؤمنين من بني آدم أودعها الشرع بمحكماته في قلوب وعقول الأمة أفرادا ومجتمعات، ومهما رفعنا بنيان العمل ولو لأزمان قادمة على غير الدين فإننا لن نفلح ولن نتقدم في دروب العاملين خطوة واحدة كما فشلت الجهود في سابق الأزمان، وذلك لأن الدين يربي الضمير والإتقان وإحسان العمل لوجه الله رب العالمين، ونحن نعمل ولكن بالألسنة اللاهبة، ذاك عمل هذه الأجيال.

ومضت علينا أزمان وعملنا الذي نعمله بأيدينا ليس على المستوى المنشود، ومنذ عشرات السنين سمعنا مجرد سماع وقلنا مجرد قول ما تناقلته الإذاعات في سابق الأيام " دقت ساعة العمل " فهل سمعها أهل البطالة؟ نرجو أن نرى للشباب في مجال العمل وجها مشرفا ونسمع لهم ولحراكهم صوتا مدويا ونرجو لهم أن يقودوا ثورة العمل لا ثورة الكلام وأن يتجمعوا لمليونيات الإنتاج لا مليونيات الإزعاج والتخريب حتى تدور المصانع المتوقفة وليرفع الله عن الأمة البلاء ويعم الرخاء ويزيد العطاء، ولقد حث الإسلام على السعي والكسب من أجل الرزق فقال تعالي " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " ويقرر الإسلام أن حياة الإيمان بدون عمل هي عقيم كحياة شجر بلا ثمر، فهي حياة تثير المقت الكبير لدي واهب الحياة.

الذي يريدها خصبة منتجة كثيرة الثمرات، فالإسلام لا يعرف سنا للتقاعد، بل يجب على المسلم أن يكون وحدة إنتاجية طالما هو على قيد الحياة، ما دام قادرا على العمل، بل إن قيام الساعة لا ينبغي أن يحول بينه وبين القيام بعمل منتج، وفي ذلك يدفعنا النبي صلى الله عليه وسلم دفعا إلى حقل العمل وعدم الركود والكسل فيقول " إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن إستطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر" كما حث الإسلام على إتخاذ المهنة للكسب مهما كانت دنيئة فهي خير من المسألة، لذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهتم بالعمل والترغيب فيه فيقول ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلىّ من موطن أتسوق فيه لأهلي أبيع وأشتري، وكان إذا رأي فتى أعجبه حاله سأل عنه هل له من حرفة ؟ فإن قيل لا، سقط من عينيه.

وكان إذا مدح بحضرته أحد سأل عنه هل له من عمل؟ فإن قيل نعم، قال إنه يستحق المدح، وإن قالوا لا، قال ليس بذاك، وكان يوصي الفقراء والأغنياء معا بأن يتعلموا المهنة ويقول تبريرا لذلك، فإنه يوشك أن يحتاج أحدكم إلى مهنة، وإن كان من الأغنياء، وكان كلما مر برجل جالس في الشارع أمام بيته لا عمل له أخذه وضربه بالدرة وساقه إلى العمل وهو يقول إن الله يكره الرجل الفارغ لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة "

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
9 + 7 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.