بقلم د/سماح عزازي
في عالمٍ مزدحمٍ بالمقارنات، مشبعٍ بصورٍ مصقولة لا تشبه الحقيقة، تتسلّل إلى قلبكِ خيوط شكٍ خفيّة…
فتسألين نفسكِ بصوتٍ لا يسمعه أحد: "هل أنا جميلة بما يكفي؟"
وتغفلين – في زحمة السؤال – عن أن الجمال ليس سؤالًا تُجيب عليه المرايا، بل هو يقينٌ يسكن القلب حين يرى نفسه بعينٍ رحيمة.
هنا، تبدأ الحكاية… حين تُقرّرين أن تنظري إلى ذاتكِ لا بعين النقد، بل بعين الحبّ، فتكتشفين أن المرأة التي في المرآة… لم تكن يومًا عادية.
في زحام الحياة، حيث تتعالى الأصوات، وتتشابك الصور، تنسين نفسكِ أحيانًا...
تتوقفين أمام المرآة لا لتري جمالك، بل لتفتّشي عن عيب، أو تلاحقي ملامح لا تُشبه ما تروّج له الشاشات من قوالب جاهزة ومقاييس جافة.
لكن، هل خطر ببالكِ يومًا أن تتساءلي: بأي عينٍ تنظرين إلى نفسكِ؟
لأن الطريقة التي ترين بها ذاتكِ، هي التي تحدد كيف يراكِ العالم، وهي التي تصنع شعوركِ الحقيقي بالجمال، والرضا، والاكتمال.
الجمال لا يبدأ من الملامح، بل من الداخل… من تلك النظرة الدافئة التي تستحقين أن تمنحيها لنفسك قبل أن تنتظريها من أحد.
جميلةٌ أنتِ...
حين تتخلّين عن جلد الذات، حين تتصالحين مع تفاصيل وجهك كما هي، وحين ترين في انعكاسكِ أنثى لا تشبه سواها، مغموسة بالحنان، مفعمة بالحياة.
جميلة لأنكِ طيبة، لأن ضحكتكِ تشبه طمأنينة المطر، ولأن خطواتكِ في الحياة، وإن ارتبكت، لا تزال صادقة، لا تتجمّل، ولا تتصنّع.
إن الجمال الحقيقي لا يسكن الملامح المتطابقة ولا الأجساد الخالية من الندوب، بل يسكن القلوب التي تُحبّ نفسها كما هي.
الجمال أن تقبلي نفسكِ، أن تربّتي على روحكِ في لحظات الانكسار، وأن تمدّي يدكِ لنفسكِ حين يتأخّر الآخرون.
في داخلكِ سحرٌ لا يُرى حين تُشغلين نفسكِ بما ينقص، وتغفلين عمّا تملكينه بالفعل.
انظري لنفسكِ بعين مَن يُحبّ، بعين أمٍ تفتخر بابنتها، بعين رحمة تنظر بها السماء إلى من تنبت وسط القسوة.
تذكّري...
لكل فُولة كيّال، ولكل روحٍ من يُقدّرها حقّ قدرها.
قد لا ترين في نفسكِ فتنةً خارقة، لكن في عيني مَن يبحث عنكِ… أنتِ كل ما كان يتمناه.
هو لا يرى العيوب التي تؤرقكِ، بل يرى وطنًا يسكنه، وطمأنينة تُسكِت ضجيج الحياة.
امنحي نفسكِ فرصة…
دوّني مميزاتكِ، ولو كانت صغيرة. قولي لنفسك كل صباح: "أنا أستحق، أنا كافية، أنا جميلة".
لا تنتظري من العالم أن يُقنعكِ، فالعالم لا يُنصف من لا يُنصف نفسه.
اعلمي أن الجمال لا يسكن الكمال، بل يسكن القبول.
حين تُحبين نفسكِ بصدق، حين تحتضنين ضعفكِ كجزءٍ من قوتكِ، حين تفهمين أن اختلافكِ لا ينقصكِ بل يميزكِ…
عندها فقط، ستُزهرين، وسيشعّ الجمال من داخلكِ حتى يراه الجميع.
وصدقيني…
حين تصلين إلى هذا الرضى، لن يقول الناس عنكِ أنكِ "جميلة" فقط… بل سيقولون: "تلك امرأةٌ تُشبه الحياة."
فيا أنتِ...
ارفقي بنفسكِ. أحبيها بكل ما فيها.
لا تجعلي المرايا تحكم عليكِ، بل اجعلي قلبكِ منارة تقودكِ إلى نفسك.
كوني لنفسك حضنًا وسندًا، وسترين أنكِ كنتِ، منذ البداية، كنزًا لا يُقدّر… فقط كنتِ بحاجة إلى أن تؤمني بكِ.
فيا ابنة النور…
لا تجعلي معايير الناس تحدد قيمتكِ، ولا تنتظري من العالم أن يمنحكِ ما ينبغي أن تولديه من داخلكِ.
امنحي نفسكِ حبًّا لا مشروطًا، وانظري إليها بعين من يُقدّر الهدايا السماوية…
وحين تفعلين، ستدركين أن المرأة التي تنظر إليكِ من خلف الزجاج، تستحق أن تُحَب، لا لأنّها بلا عيب… بل لأنها أنتِ.
وحين تُحبينها، سيحبكِ العالم كما يليق بكِ… لا كما يُملى عليه.
إضافة تعليق جديد