رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 17 أغسطس 2025 11:19 م توقيت القاهرة

متى يجد العبد طعم الراحة .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد الله الذي أسكن عباده هذه الدار وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار وجعل الدار الآخرة هي دار القرار، فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار، أحمده على نعمه الغزار وأشكره وفضله على من شكر مدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار، الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الجنة ونعيمها، فيا أخي الحبيب اعلم أنك لن تدخل الجنة إلا بمفتاح، ومفتاح الجنة لا إله إلا الله، وأسنان المفتاح شرائع الإسلام، فمن جاء بمفتاح له أسنان فتح له ومن جاء بمفتاح بلا أسنان فلا يلومن إلا نفسه، وقال تعالى.
" فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " والباء هنا سببية أي بسبب أعمالهم الصالحة بعد رحمة الله تعالى، فيا أخي الكريم إياك أن تكون ممن قال فيهم يحيى بن معاذ الرازي عمل لسراب، قلب من التقوى خراب، وذنوب بعدد الرمل والتراب، ثم تطمع في الكواعب الأتراب، هيهات أنت سكران بغير شراب، فتريد الجنة، وأنت تنام عن صلاة الفجر، وتريد الجنة وأنت تأكل الحرام وتشاهد الحرام وتسمع الحرام، فتب من ذنوبك، وابك على عيوبك وإياك أن تحرم النعيم المقيم في الجنة بلذة ساعة فانية "بل تؤثرون الحياة الدنيا، والآخرة خير وأبقى" واعلموا أن الحياة الدنيا حياة تجمع بين المتناقضات ففيها السعادة والشقاء والحزن والفرح والصحة والمرض والنجاح والفشل والراحة الكاملة فيها غير مطلوبة والسعادة التامة غير محققة.
حيث قال الله تعالى " وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " لذا فقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها سجن للمؤمن وجنة للكافر، والمسلم العاقل هو من يفهم الدنيا على حقيقتها فيتخذها معبرا ومزرعة للآخرة، وكذلك فإن العاقل هو من يجعل همه الأكبر آخرته، واعلموا أن متع الدنيا متع ناقصة بل وزائلة والمؤمن لا يحزن على فوات شيء منها، فعن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لعمار لا تحزن على الدنيا فإن الدنيا ستة أشياء، مأكول ومشروب وملبوس ومشموم ومركوب ومنكوح، فأحسن طعامها العسل وهو بزقة ذبابة، وأكثر شرابها الماء يستوي فيه جميع الحيوان، وأفضل ملبوسها الديباج وهو نسج دودة، وأفضل المشموم المسك وهو دم فأرة، وأفضل المركوب الفرس وعليها يقتل الرجال، وأما المنكوح فالنساء وهو مبال في مبال والله إن المرأة لتزين أحسنها يراد به أقبحها"
والراحة العظمى والنعيم الأكبر هو الذي يحصل عليه المؤمن حينما يضع قدميه في الجنة، وقيل أن الإمام أحمد بن حنبل جاءه رجل من أهل خراسان فقال يا أبا عبد الله قصدتك من خراسان أسألك عن مسألة قال له سل، قال متى يجد العبد طعم الراحة قال عند أول قدم يضعها في الجنة " وقال أبو بكر بن طاهر اصبر على شدائد الدنيا فإن وعد الله حق لمن صبر فيها على الشدائد أن يوصله إلى الراحة الكبرى وهو مقعد صدق عند مليك مقتدر، لذا يجب على المؤمن أن يجعل شوقه الأكبر لما عند الله تعالى من نعيم خالد وسعادة أبدية وليسأل نفسه هل أنا أشتاق إلى الجنة ولماذا أشتاق إليها ؟ فإذا ما كانت الإجابة نعم أشتاق إلى الجنة، فليفكر فيما يجعله يشتاق إليها وليعش بوجدانه وقلبه مع نعيمها، وكيف تفتح الأبواب لمن يدخلها ؟ وكيف يدخلها بسلام وهو آمن غير مكدر ولا مهموم ولا وجل ؟ وليوقن أنها سلعة غالية تحتاج إلى إيمان خالص وعمل صالح.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.