كتب - عفيفى عبد الحميد
كنا نود أن نحيي اليوم العالمي لحرية الصحافة اليوم، ونحن نكمل احتفالنا باليوبيل الماسي للنقابة بخطوات تعزز حرية الصحافة في مصر، وتحسن صورتها في مجال الحريات العامة، بعد أن صُنفت باعتبارها ثانى أكثر دول العالم سجناً للصحفيين، وجاء ترتيبها رقم 159 بين دول العالم في مؤشر حرية الصحافة، لكن العقلية الأمنية أصرت على أن تكمل المشهد بجريمة اقتحام مقر نقابة الصحفيين، معقل الحريات وحصن المصريين جميعاً.
ففى الوقت الذى كنا ننتظر فيه خطوات تنفيذية لإصدار القانون الموحد للصحافة والإعلام، وإقرار التعديلات الخاصة بمنع الحبس فى قضايا النشر، وتنفيذ وعود الإفراج والعفو عن زملائنا، اختارت الحكومة أن تُهنئنا بعيد حرية الصحافة بمزيد من الانتهاكات وباقتحام غير مسبوق لمقر النقابة، والقبض على زميلين جديدين ليرتفع عدد الصحفيين الموجودين خلف الأسوار لأكثر من 29 زميلاً فى قضايا متنوعة، بعضهم وصلت مدة حبسهم الاحتياطى لما يقرب من ثلاثة أعوام.
يحل اليوم العالمى لحرية الصحافة هذا العام وموقع مصر يتراجع فى كل التقارير العالمية حول الحريات الصحفية، وبدلاً من أن تبدأالحكومة فى تنفيذ خطوات فعلية للخروج من هذا الوضع، كانت المفاجأة هى تصعيد الحرب ضد الصحافة والصحفيين ممثلة فى نقابتهم، وبدلاً من أن يكون اليوم فرصة للاحتفال بعيد الحرية أصر البعض داخل السلطة أن يكون يوما جديداً للحداد، وأن يضيف إلى أسباب التراجع سببا جديداً.
إن نقابة الصحفيين المصريين وهى تحيي اليوم العالمي لحرية الصحافة لابد أن تضع بين أيدى الرأى العام مجموعة من الحقائق حول أوضاع الحريات الصحفية، هو ما سنوجزه فى مجموعة من الوقائع وهى:
اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين مساء يوم الأول من مايو 2016، واعتدت على حرس المبنى، واختطفت صحفيين زميلين بدعوى أنهما مطلوبان من النيابة العامة. وعلى إثر هذه الجريمة غير المسبوقة فى تاريخ النقابة التى احتفلت بحلول عيدها الماسى فى 30 مارس الماضي دعا مجلسها إلى اجتماع عاجل لأعضاء الجمعية العمومية غدا (الأربعاء) 4 مايو، ودخلت أعداد من الصحفيين فى اعتصام مفتوح بمقرها.
تكررت محاصرة قوات الأمن لمقر النقابة ومنع الدخول إليها، والدفع بالبلطجية ولأرباب السوابق للاعتداء على حرم النقابة وترويع أعضائها وسبهم وقذفهم بأحط الألفاظ. وقد تقدمت النقابة قبل أيام من واقعة جريمة الاقتحام ببلاغات الى النائب العام ضد العدوان عليها وعلى أعضائها، بما في ذلك احتجاز نحو 46 صحفياً والاعتداء عليهم وتكسير معداتهم ومصادرتها أثناء ممارستهم أعمالهم في يوم واحد (25 أبريل 2016).
عادت ظاهرة زوار الفجر ومداهمة منازل الصحفيين واعتقالهم والاستيلاء على أرشيفاتهم وأدوات عملهم، كما وصلت للنقابة شكاوى تفيد بتعرض الصحفيين المحبوسين لا نتهاكات بالغة، منها الحرمان من الزيارة، والحرمان من العلاج، وكذلك منع دخول الأطعمة والملابس الخاصة بهم. وتقدمت النقابة بالعديد من البلاغات حول وقائع الانتهاكات لم يتم التحقيق فيها كما لم يتم الاستجابة لطلبات متكررة من النقابة لزيارة الزملاء المحبوسين.
وفق إحصاء بالأسماء تضمنه التقرير السنوى المقدم من مجلس النقابة إلى الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في مارس 2016، هناك نحو 27 زميلاً – ارتفعوا خلال الأيام السابقة إلى 29 - رهن الاحتجاز في قضايا متنوعة، من بينهما قضايا تتعلق بمهنتهم سواء على ذمة المحاكمة أو محكومين بأحكام غير نهائية، أو باتة أو من دون توجيه أي اتهامات إليهم، وبين هؤلاء من تجاوز احتجازه الحد الأقصى للحبس الاحتياطى.
من المؤسف له أن صنفت لجنة حماية الصحفيين الدولية صنعت مصر فى الموقع الثانى (بعد الصين) من حيث أعداد الصحفيين المحبوسين. وقالت اللجنة إنها منذ بدء رصدها في عام 1990، سجل عدد الصحفيين المحبوسين في مصر خلال العام الحالي أعلى رقم بالمطلق.
خاض صحفيون بين فبراير ومارس الماضيين اعتصاماً بمقر النقابة للمطالبة بتحسين شروط احتجاز الزملاء الصحفيين، وتوفير الرعاية الطبية لحالات صحية مهددة بخطر الموت وفقدان البصر، ونقلهم إلى سجون أقل قسوة.
تكرر على نحو غير مسبوق مداهمة قوات الأمن بعض مقار مواقع الصحافة الالكترونية، وممارسة رقابة مسبقة على النشر الصحفي، وإجبار بعض الصحف على تغيير المحتوى قبل الطبع، أو إتلاف وحجب توزيع نسخ وإعادة طبع الصحف بمحتوى جديد.
شهد العام الماضي صدور 14 قرارا بحظر النشر في قضايا تتعلق بوقائع فساد.
ونتيجة لكل هذه الأوضاع استمر تراجع موقع مصر في ترتيب حرية الصحافة عند منظمة «مراسلون بلا حدود» الدولية، إلى 159 من إجمالى 180 دولة هذا العام.
وأمام هذه الأوضاع المتردية، واقتحام مقر النقابة بقوات من الشرطة، قرر مجلس النقابة الدعوة لاجتماع عاجل لأعضاء الجمعية العمومية، في الواحدة من بعد ظهر الأربعاء (4 مايو 2016)، لتدارس هذا الحدث الجلل، واتخاذ ما يناسبه من قرارات للرد عليه، بما يحفظ كرامة المهنة ويصون حرمة النقابة.
وتؤكد نقابة الصحفيين أن تلك الأزمة تستلزم توحد الجمعية العمومية لمواجهة هذا الخطر الداهم، وتدعو جميع الصحفيين للوقوف صفاً واحداً حفاظاً على كرامة مهنتهم، وتشدد النقابة على أنها بيت للصحفيين كافة، مهما اختلفت توجهاتهم، وتثق في وعي أبناء المهنة وتصديهم للمحاولات الهادفة لشق الصف، وفتح ثغرات للعدوان على النقابة والحط من كرامة الصحفيين.
وتؤكد النقابة ومجلسها الذي انتخبته جموع الصحفيين، أنها منفتحة على كافة الاقتراحات والآراء لمواجهة هذا العدوان غير المسبوق على الصحافة والصحفيين، وتشدد على أن شعار الجماعة الصحفية في هذه المعركة الشريفة هو «نقابة واحدة.. قضية واحدة.. مصير واحد».
إضافة تعليق جديد