رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 26 نوفمبر 2025 6:56 م توقيت القاهرة

الكرم هو قلب المؤمن.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد لقد ذكر النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم " الكرم قلب المؤمن " وإذا تدبرت ذلك الكلام وجدته مطابقا لقوله في النخلة مثلها مثل المسلم فشبه النخلة بالمسلم في حديث ابن عمر وشبه المسلم بالكرم في الحديث الآخر ونهاهم أن يخصوا شجر العنب باسم الكرم دون قلب المؤمن وقد قال بعض الناس في هذا معنى آخر وهو انه نهاهم عن تسمية شجر العنب كرما لأنه يقتنى منه أم الخبائث فيكره أن يسمى باسم يرغب النفوس فيها.
ويحضهم عليها من باب سد الذرائع في الألفاظ وهذا لا بأس به لولا أن قوله فإن الكرم قلب المؤمن كالتعليل لهذا النهي والإشارة إلى انه أولى بهذه التسمية من شجر العنب ورسول الله صلي الله عليه وسلم أعلم بما أراد من كلامه فالذي قصده هو الحق وبالجملة فالله سبحانه عدد على عباده من نعمه عليهم وثمرات النخيل والأعناب فساقها فيما عدده عليهم من نعمه والمعنى الأول أظهر من المعنى الآخر إن شاء الله فإن أم الخبائث تتخذ من كل ثمر كالنخيل كما قال تعالى " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا " وقال انس نزل تحريم الخمر وما بالمدينة من شراب الأعناب شيء وإنما كان شراب القوم الفضيخ المتخذ من التمر، فلو كان نهيه عن تسمية شجر العنب كرما لأجل المسكر لم يشبه النخلة بالمؤمن لأن المسكر يتخذ منها.
والله أعلم الوجه السادس من وجوه التشبيه أن النخلة أصبر الشجر على الرياح والجهد وغيرها من الدوح العظام تميلها الريح تارة وتقلعها تارة وتقصف أفنانها ولا صبر لكثير منها على العطش كصبر النخلة فكذلك المؤمن صبور على البلاء لا تزعزعه الرياح، وكذلك إن النخلة كلها منفعة لا يسقط منها شيء بغير منفعة فثمرها منفعة وجذعها فيه من المنافع مالا يجهل للأبنية والسقوف وغير ذلك، وسعفها تسقف به البيوت مكان القصب ويستر به الفرج والخلل، وخوصها يتخذ منه المكاتل والزنابيل وأنواع الآنية والحصر وغيرها وليفها وكربها فيه من المنافع ما هو معلوم عند الناس وقد طابق بعض الناس هذه المنافع وصفات المسلم وجعل لكل منفعة منها صفة في المسلم تقابلها فلما جاء إلى الشوك الذي في النخلة جعل بإزائه من المسلم صفة الحدة على أعداء الله وأهل الفجور.
فيكون عليهم في الشدة والغلظة بمنزلة الشوك وللمؤمنين والمتقين بمنزلة الرطب حلاوة ولينا " أشداء على الكفار رحماء بينهم " وليس غريبا أن تملا النخلة نصوص الشعر العربي ونثره بعد أن ملأت حياتهم، ودخلت في ثقافة أيامهم، وتغلغلت في وعيهم في جاهليتهم وإسلامهم، وفضلا عن الوصفيات التي إعتنى بها الشعراء العرب في شأن النخلة، والحديث عنها فإن قيمتها في الشعر القديم، تميزت بالتفرد والخصوصية، لقد كان الشاعر العربي يستعير من ثقافته الخاصة بالنخل صورة أو مشهدا أو حالة، ويشبه بها ما يريد ومن يريد، ومن ذلك كتاب قيصر إلى عمر بشأن النخلة وفيه فعن يونس بن الحارث الطائفي، عن الشعبي قال كتب قيصر إلى عمر أخبرك أن رسلي أتتني من قبلك فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير، تخرج مثل آذان الحمر ثم تشقق عن.
مثل اللؤلؤ أحسبه قال الأبيض ثم تخضر فتكون مثل الزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون مثل الياقوت الأحمر، ثم تينع وتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل، ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني فلا أرى هذه الشجرة إلا من شجر الجنة، فكتب إليه عمر؟ من عبد االله عمر أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم إن رسلك قد صدقتك، هذه الشجرة عندنا هي الشجرة التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى إبنها عليه السلام فاتقي الله ولا تتخذ عيسى إلها من دون االله، فإن مثل عيسى عندنا كمثل آدم، خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
11 + 7 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.