كتبت هدي العيسوي
وسط ضغوط تضخمية وتوترات دولية.. البنك المركزي بحاجة إلى التريث لتحقيق الاستقرار المالي
قال الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، إن السيناريو الأقرب خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، المقرر عقده الخميس 10 يوليو الجاري، هو تثبيت أسعار الفائدة، في ضوء المعطيات الاقتصادية المحلية والدولية الراهنة، موضحًا أن أي تحرك بخفض جديد قد يحمل مخاطر على استقرار الأسواق وعلى جاذبية الاستثمار في أدوات الدين الحكومية.
وأوضح عبد الوهاب أن التضخم لا يزال التحدي الأكبر أمام السياسة النقدية، حيث تسارع المعدل السنوي للتضخم ليسجل 16.8% في مايو مقابل 13.9% في أبريل، وارتفع التضخم الأساسي إلى 13.1%، في ظل توقعات بمزيد من الضغوط التضخمية خلال يوليو، على خلفية الزيادات المرتقبة في أسعار الكهرباء والمحروقات، إلى جانب تعديل ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع مثل السجائر، التي يُتوقع أن ترتفع أسعارها بنسبة 16%.
وأضاف أن استمرار الضغوط التضخمية يجعل أي خفض للفائدة في هذا التوقيت قرارًا غير محسوب العواقب، خصوصًا مع حاجة السوق لهضم الخفض الكبير الذي أقره البنك المركزي سابقًا بمقدار 325 نقطة أساس منذ بداية العام. وأشار إلى أن تثبيت الفائدة في هذا التوقيت قد يمثل استراحة ضرورية للأسواق لمراقبة التفاعلات القادمة دون حدوث اضطرابات إضافية.
وعلى الصعيد العالمي، لفت عبد الوهاب إلى أن البنك المركزي الأوروبي اتجه إلى خفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ بدء سياسة التشديد في 2022، فيما أبقى الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة دون تغيير، مما يعكس تباطؤ السياسات النقدية المتشددة عالميًا، إلا أن الضغوط التضخمية العالمية ما زالت قائمة، خاصة مع تهديدات بعودة التعريفات الجمركية في الولايات المتحدة، بحسب تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وأكد عبد الوهاب أن المشهد الجيوسياسي لا يزال هشًّا رغم التهدئة النسبية بين إيران وإسرائيل، وهو ما يفرض على البنك المركزي المصري التحلي بالحذر، لا سيما مع إمكانية ارتفاع أسعار النفط مجددًا، وتأثير ذلك على ميزان المدفوعات وقيمة الجنيه المصري، مما يعزز منطق التثبيت في الوقت الحالي.
وفيما يتعلق بجاذبية الاستثمار في أدوات الدين الحكومية، أشار عبد الوهاب إلى أن انخفاض متوسط العائد على أذون الخزانة من 31% إلى نحو 24-25%، يعكس إعادة تموضع المستثمرين في ضوء التطورات الاقتصادية، إلا أن مصر لا تزال تقدم عوائد جذابة تفوق معدلات التضخم المتوقعة، مما يجعلها بيئة مواتية لجذب التدفقات الأجنبية، خاصة مع توسع البنوك المركزية العالمية في خفض الفائدة.
وأكد أن مؤشرات الاقتصاد الكلي لا تزال بحاجة إلى متابعة دقيقة، فرغم تحسن بعض المؤشرات مثل ارتفاع الاحتياطي النقدي، وانتعاش السياحة، وتحسن تحويلات المصريين بالخارج، إلا أن التضخم المستورد ومخاطر تقلب الأسواق العالمية تتطلب من البنك المركزي موازنة قراراته بما يحفظ الاستقرار المالي والمناخ الاستثماري طويل الأجل.
واختتم الدكتور محمد عبد الوهاب تصريحه بالتأكيد على أن قرار تثبيت الفائدة هو القرار الأكثر اتزانًا في المرحلة الراهنة، خاصة أن الأسواق بحاجة إلى فترة من الاستقرار لاستيعاب التغيرات، سواء على مستوى السياسات النقدية المحلية أو تداعيات البيئة الاقتصادية العالمية، مشيرًا إلى أن الاستدامة في استقرار السوق أولى من الاستجابة السريعة لمؤشرات قصيرة الأجل.
إضافة تعليق جديد