رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 11 يوليو 2025 1:44 ص توقيت القاهرة

والفارغات رؤوسهن شوامخ

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب المشارق والمغارب، خلق الإنسان من طين لازب، ثم جعله نطفة بين الصلب والترائب، خلق منه زوجه وجعل منهما الأبناء والأقارب، تلطف به، فنوع له المطاعم والمشارب، وحمله في البرّ على الدواب، وفي البحر على القوارب، نحمده تبارك وتعالى حمد الطامع في المزيد والطالب، ونعوذ بنور وجهه الكريم من شر العواقب، وندعوه دعاء المستغفر الوجل التائب، أن يحفظنا من كل شر حاضر أو غائب، وأشهد أن لا إله إلا الله القوي الغالب، شهادة متيقن بأن الوحدانية لله أمر لازم لازب، أرأيت الأرض في دورانها كيف تمسكت بكل ثابت وسائب؟ أرأيت الشموس في أفلاكها كيف تعلقت بنجم ثاقب؟ أرأيت الرياح كيف سخّرت فمنها الكريم ومنها المعاقب؟ أرأيت الأرزاق كيف دبرت وهل في الطيور زارع أو كاسب؟ أرأيت الأنعام كيف ذللت وجادت بألبانها لكل حالب؟ 

أرأيت النحل كيف رشف رحيق الزهور فأخرج الشفاء مشارب؟ أرأيت النمل كيف خزن طعامه وهل للنمل كاتب أو حاسب؟ أرأيت الفرخ كيف نقر بيضه وخرج في الوقت المناسب؟ أرأيت العنكبوت كيف نسجت وفي الخيوط مصائد ومصائب؟ أرأيت الوليد كيف التقم ثدي الأم دون علم سابق أو تجارب؟ أرأيت الإنسان إذا ضحك؟ أرأيت كيف تثاءب؟ أرأيت نفسك نائما وقد ذهبت بك الأحلام مذاهب؟ فإذا رأيت ذلك كله فإخشع فلا نجاة لهارب، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسول الملك الواهب، ما من عاقل إلا علم أن الإيمان به حق وواجب، سل العدول، وسل هل عابه في الحق عائب؟ سل الشهداء عنه هل كانت له في الدنيا مآرب؟ سل صناديد قريش في قليب بدر عن الصادق ومن الكاذب، سل السيوف، سل الرماح هل حملها مثله محارب، سل سراقة عن قوائم بعيره ؟

كيف ساخت في الصخر حتى المناكب؟ سل أم معبد كيف سقاها اللبن والشاة مجهدة وعازب؟ سل الشمس، سل القمر عن نوره وضيائه إذ الكل غارب؟ سل النجوم متى صلت وسلمت عليه في المسارب؟ سل المسجد الأقصى عن قرآنه والرسل تسمع والملائكة مواكب؟ سل الزمان متى توقف وسل المكان كيف تقارب؟ سل السموات السبع هل وطئها قبله راجل أو راكب؟ سل أبوابها كيف تفتحت ومن إستقبله على كل جانب؟ سل الملائكة أين اصطفَّت لتحيتِه كما تصطف الكتائب؟ سل الروح الأمين لماذا توقف عند الحجاب ومن الحاجب؟ سل العشاق عن حبهم والناس فيما يعشقون مذاهب؟ سل سدرة المنتهى عن كأس المحبة من الساقي ومن الشارب؟ يا رب، صلي على الحبيب المصطفى أهل الفضائل والمواهب، وعلى الصحب والآل ومن تبع عدد ما في الكون من عجائب وغرائب. 

وقيل أن الناس رجلان رجل ينام في الضوء، ورجل يستيقظ في الظلام، ولا يحسن بك الترفع إلا على ما يحط من قدرك، أما أن يكون ترفعك على غيرك لأجل مكانة أو مادة أو منصب أو لا شيء فهذا ربما ما يدخلك في قول القائل " يستخشن الخز حين يلمسه وكان يبري بظفرة القلم " فتبعد إذ ذاك عن أرقي الصفات وأرفعها، وهي التواضع ومن هو المتواضع، فإن العالم متواضع والقوي متواضع والكريم متواضع، والشجاع كذلك والغني أيضا، وكل هؤلاء وما كان في مسلكهم وسمتهم فهو متواضع، أما المترفع الذي ينظر بتكبر وترفع وتعالي فهو كل صغير قدر يشعر بالنقيصة والدونية، قليل العلم فارغ، قيل ملأى السنابل ينحنين تواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ، فإعمل على أن تكون ممن يحني رأسه تواضعا، كي يرفعه الله عز وجل، وأجمل ما يكون عليه المرء. 

أن يكون ذا نفس طيبة، يتعايش مع كل ذي طبع، والطبع إنما هو المسلك الذي نجد أنفسنا سائرين به، ولو نظرنا الخلق لوجدنا أنهم يبذلون قصارى جهدهم ليرفعوا من شأنهم، غير أن طباعهم التي جبلوا عليها تقودهم إلى غير مقصدهم، فلنحرص على زرع الطبع القويم والصالح لأنفسنا، فتسير عليه بكل انسياب، وطيب النفس وطهارة القلب والعفاف مراد كل ذي لب، والقلب أطهر ما يكون على التقى، والنفس أطيب ما تراها شاكرة، وما هذا ببعيد عن أحد، فقط إسعى لأن تكون كما أردت، خيّرا عفيفا، ومن يستعفف يعفه الله تعالي ومن يستغن يغنه الله عز وجل.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.