رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 20 يونيو 2025 2:10 ص توقيت القاهرة

التعاون العربى: إيران بين شبح الانهيار وخداع الصمت

حوار ضاحى عمار 
وسط ضجيج التصعيد المتسارع بين إيران وإسرائيل، ومفاجأة الساحة السياسية بإعلان دونالد ترامب المفاجئ الداعي إلى إخلاء طهران فورًا، التقى «الصحفى ضاحى عمار» بالمهندس علي عبدة، رئيس مجلس التعاون العربي، في حوار خاص فتح خلاله الملفات الساخنة من طهران حتى تل أبيب، وتحدث عن كواليس الموقف الأمريكي، وما وراء الانسحاب من قمة السبع، ودلالات الصمت الإيراني أمام تهديدات ترامب المباشرة.

 كيف تقرأون دعوة ترامب الأخيرة لإخلاء طهران؟ هل هي مجرد فرقعة انتخابية أم بداية لمرحلة مختلفة
علي عبدة: إطلاقًا لا يمكن اعتبار ما قاله ترامب مجرد فرقعة انتخابية، بل هو تعبير صريح عن مرحلة جديدة تمامًا من الضغط الأمريكي عالي الكثافة ضد طهران. التصريح، رغم بساطته اللغوية، يحمل أبعادًا نفسية واستراتيجية كبيرة. هذه المرة لم يستخدم صاروخًا أو حملة جوية، بل وجه ضربة في العمق النفسي للمجتمع الإيراني، مستهدفًا المواطن العادي قبل القيادة السياسية. إنه تكتيك جديد يتعمد إثارة الهلع الشعبي، ويعتمد على تفكيك الجبهة الداخلية بدلاً من المواجهة العسكرية المباشرة.

لكن إيران لم ترد رسميًا، هل هذا ضعف أم تكتيك محسوب من جانبها
عبدة: إيران تتعامل مع الحدث بقلق واضح، والصمت الرسمي المريب يعكس حالة ارتباك داخل دوائر القرار. الإعلام المحلي حاول التخفيف من وقع الرسالة لكن دون جدوى. الشعب الإيراني التقط التهديد مباشرة، وبدأت حركات نزوح حذرة داخل العاصمة. هناك شعور حقيقي بالخطر في الشارع، بينما الدولة تراقب بصمت. وهذا في حد ذاته رسالة ضعف غير معتادة من نظام تعودنا منه على خطاب ناري ومباشر.

 وما تعليقكم على انسحاب ترامب من قمة السبع
عبدة: هذا الانسحاب مؤشر واضح على أن ترامب لم يعد مقتنعًا بالأساليب التقليدية في التعاطي مع الأزمات الدولية. الرجل لا يريد توازنات ولا بيانات ختامية، بل يريد فرض الإيقاع على العالم كله. حتى حلفاؤه التقليديون التقطوا الرسالة، وإن لم يعترفوا بها علنًا. نحن أمام زعيم يُعلي من قيمة الصوت العالي كأداة سياسية، ويستخدم عنصر المفاجأة كوسيلة لإرباك الخصوم والحلفاء معًا.

 وهل يمكن أن تؤدي هذه الضغوط إلى انهيار داخلي في إيران
عبدة: إيران لن تنهار بالمعنى الكلاسيكي، لكن هناك هشاشة تتزايد داخل المجتمع الإيراني. التهديدات المتكررة، والعقوبات الاقتصادية، والعزلة السياسية، خلقت فجوة ضخمة بين الشعب والدولة. ترامب، بفهمه العميق لطبيعة هذه الأنظمة، يحاول توسيع هذه الفجوة بكل الوسائل. أخطر ما يحدث الآن هو تحوّل المواطن الإيراني نفسه إلى أداة ضغط داخلية على النظام، وهذا يُعتبر أضعف نقطة في أي نظام مغلق.

 البعض يتخوف من انفجار الوضع في المنطقة.. هل ترى أن حربًا شاملة قادمة
عبدة: لا أعتقد أن الأمور تتجه نحو حرب شاملة، فالجميع يعلم أن كلفة الحرب لا تُحتمل، لا لإيران ولا حتى لإسرائيل أو أمريكا. لكننا بالتأكيد أمام مرحلة من «الضغط المُركز»، تعتمد على الحرب النفسية والتصعيد الرمزي. الرد الإيراني سيأتي، لكنه لن يكون بالشكل التقليدي. إيران الآن مضطرة للموازنة بين الحفاظ على هيبتها خارجيا، والسيطرة على الشارع داخليًا، وهو توازن بالغ الصعوبة.

 في هذا السياق، أين يقف العالم العربي؟ وهل لديه دور؟
عبدة: للأسف، العالم العربي حتى الآن خارج معادلة التأثير الحقيقي. هناك غياب لرؤية موحدة، وتشتت في المواقف. لكن هناك فرصة تاريخية لإعادة التموضع. بعض الدول العربية يمكنها لعب دور وساطة ذكي، لكن هذا يحتاج إلى إرادة سياسية واضحة وموقف مستقل. ما نحتاجه اليوم ليس فقط مواقف إعلامية، بل تحرك سياسي حقيقي يضع المصالح العربية في قلب المعادلة، لا على هامشها.

 إذًا كيف تتوقع المشهد في الأسابيع القادمة؟
عبدة: نحن مقبلون على لحظة حاسمة. اللعبة لم تعد فقط عن السلاح أو الردع، بل عن إدارة الخوف، وتوجيه الرأي العام، وصناعة الشعور بالخطر. إيران سترد ولكن بحسابات دقيقة، وترامب سيواصل التصعيد بخطاب صادم وقرارات غير متوقعة. الخوف الحقيقي ليس من حرب تقليدية، بل من خطأ استراتيجي صغير يتحوّل إلى شرارة كبيرة يصعب احتواؤها.

 هل تعتقد أن ما فعله ترامب قد يفتح الباب أمام نموذج جديد في إدارة الصراعات؟
عبدة: بالتأكيد. نحن أمام استخدام متطور جدًا للقوة الناعمة المركّبة، حيث تُستخدم الرسالة كقنبلة، والإعلام كصاروخ، والمواطن كأداة ضغط. النموذج الذي يقدمه ترامب الآن يتجاوز المعارك العسكرية، ويتسلل إلى داخل الدول المستهدفة بأسلوب غير تقليدي. وهذه هي أخطر أدوات العصر، لأنها تخلق توترات دون حرب، وتُسقط الأنظمة دون جيوش.

 هل لديكم رسالة توجهونها إلى القيادات العربية؟
عبدة: نعم. آن الأوان أن ندرك أن العالم يتغير بسرعة، وأن الصراعات لا تُدار فقط بالدبابات، بل بالعقول والرسائل والرأي العام. يجب أن نعيد بناء أدواتنا الدبلوماسية والإعلامية والنفسية. إذا لم نلعب أدوارًا ذكية في هذه المرحلة، سنظل في موقع المتفرج، بينما يُعاد رسم الشرق الأوسط من حولنا.
هذا الحوار لا ينقل فقط وجهة نظر سياسية، بل يكشف عن عمق التحولات الجارية في المنطقة، حيث تحلّ الحرب النفسية محلّ المعارك، ويصبح الخوف أداة أقوى من القذائف

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
10 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.